0 تصويتات
في تصنيف اسئلة تعليم بواسطة (4.4مليون نقاط)
مراحل استشراق المستقبل

ظل التفكير في المستقبل أحد أهم الهواجس التي شغلت فكر الإنسان منذ بداية ظهوره على سطح الأرض وظل ملازماً له خلال مراحل حياته المتعاقبة وكانت مواجهة ذلك الهاجس وراء كل ما أحرزه الجنس البشري من تقدم فقد كان للجماعة الإنسانية منذ القديم وعلى امتداد الأزمنة ولع شديد بتعرف مستقبلها واستطلاع ما يخبثه القدر لاعضائها وكانت لها وسائلها البسيطة التي تعد وسائل ساذجة وغيبية مثل التنجيم والكهانة والسحر والشعوذة والتحديق في الكرات البلورية من الوسائل التي لم تعد تتفق مع العلم الموضوعي الحديث أما اليوم فقد أضحى الاهتمام بالمستقبل يشكل أحد مجالات المعرفة العلمية بسيادتها وأساليبها يفسره تقدم هذه المعرفة ونموها المتسارع وتنامي الوعي الجاد بالواقع وما يحوطه من مشكلات الطفرة التكنولوجية والتسلح النووي، والانفجار السكاني والتلويث البنيتي، والأمراض المستعصية والتلاعب البيولوجي والسيكولوجي بالكائن البشري. وكلها حالات ضاعفت من الواجب الملح الذي يتعين بمقتضاء اتخاذ قرارات مرتبطة بالمستقبل ولقد أسفرت الجهود المتواصلة للكشف عن أسرار الحياة، والمواطن المجهولة من تكوين العالم وارتياد مناطق ومجالات جديدة من العلم والمعرفة عن نتائج تفوق كل التوقعات التي كان يحلم بها كثير من المفكرين والمثقفين المهتمين بالوضع الإنساني بشكل عام.

وهي نتائج تشير في نفوسهم غير قليل من الخوف والقلق على مصير الإنسان ومكانته من الكون بل وعلى مفهوم الإنسانية ذاته ولقد كان من الطبيعي أن يُكرس كثير من هؤلاء المفكرين والباحثين أنفسهم لتتبع مسار هذه الكشوفات ورصد النتائج التي سوف تترتب عليها وتأثيرها في الثقافة.

ولقد وضع التصورات المحتملة لما يمكن أن يكون عليه الوضع الإنساني في المستقبل القريب والبعيد واقتراح الوسائل والأساليب التي يمكن بها مواجهة هذه النتائج ومناوأتها أو التكيف معها، وتسخير المستجدات الناجمة عنها لصالح الإنسان وتقدم المجتمع. وأدى ذلك كله إلى ظهور تخصص علمي جديد يعنى بدراسة المستقبل دراسة علمية منهجية يعرف بعلم المستقبل وهذا العلم يمثل محاولة علمية تنطلق من ملابسات الواقع الراهن نحو استشراف منهجي ومتبصر لتوجهاته المتوقعة وهو يجد الآن إقبالاً شديداً في كثير من الدول المتقدمة لم تعد دراسة المستقبل أو استشرافه مجرد قراءة كَفُ أو طالع، بل أضحت عملية بحث علمي في مجال ما تبدأ من الماضي، وتدرس الحاضر بعناية لاستبصار آفاق المستقبل واتجاهاته وعوامل التغير فيه بشكل كلي وتوقع إمكان اختلاف هذه الرؤى مع ما قد يحدث بالفعل في المستقبل وقد تخطت عملیات استشراف المستقبل في الوقت الراهن تلك المرحلة الأولية المليئة بالخيال الذي لم يكن يستند في معظم الأحيان إلى حقائق ووقائع مدروسة بطريقة علمية دقيقة.

 كما هو الشأن الآن بل لم تعد هذه العمليات تقنع بالتنبؤ بما سوف يحدث اعتماداً على رصد الواقع ثم تهيئة الاذهان للتغيرات المحتمل حدوثها، وإنما أخذت تهتم إلى جانب ذلك بالتخطيط العلمي السليم لمواجهة هذه التغيرات بإجراءات حاسمة وفعالة أي أنه أصبح لها أهداف عملية أو تطبيقية التجاوز مرحلة المعرفة النظرية البحتة، وتُعنى بوضع الخطط ورسم السياسات التي تكفل حسن الإفادة من هذه التغيرات مع الاستعانة في ذلك بقراءة التاريخ، ورصد مسار الاتجاهات العامة السائدة في المجتمع، بل وفي العالم كله وقد ساعدت هذه الخطوات على اعتبار عملیات استشراف المستقبل دراسة علمية، أو حتى و علماً ، قائماً بذاته، وله مقوماته التي تبرر الإقبال المتزايد على التخصص فيه ويمكن أن نميز في دراسة المستقبل مستويات ثلاثة للتعرف عليها يتصل بالتخمين ويعني على الاحتمالات ولا سيما عندما تكون البيانات غير موجودة لتحديد قيمة متغير ما صدقة. والثاني : يرتبط بالتوقع، ويقوم على تقدير التطورات القادمة، أو اقتراح النتائج المتوقعة، على ضوء تواتر وقوع حدث معين بدرجة لافتة من الانتظام.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (4.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
مراحل استشراق المستقبل

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى بيان العلم ، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...