تحليل وتذوق لوعة فراق
اتسمت الرسالة بعدد من الخصائص الفنية والأسلوبية واللغوية التي تعد مجملها من خصائص المرحلة الأخيرة من مراحل العصر العباسي
جیشه ببيت المقدس من كل جانب، وضرب عليها حصاراً محكماء وزحف إليها رويداً رويدا إلى أن اقترب منها ، وضربت خيمته في أسوارها على مرمى صلاح الأعداء وزاحم بجيشه أسوارها حتى نزل بأطرافها، وضرب عليها جزاما أمنيا إيذانا ببدء المناجزة
وحينها شعر القوم بخطورة الموقف وجديته، فصاحوا رافعين شعار الهدنة خداعاً لا استسلاما، فادرك صلاح الدين ذلك من فحوى كلامهم، وقرأه على وجوههم، وعرف أن هدفهم مزيد من الاستعداد، وطلب النجدة.
فشدد من قبضته، وبدا قصف المدينة بالمنجنيق إلى أن الأعداء وتم له النصر، وأذن الله له بالتحرير، فكان يوماً مشهوداً وحاسما في التاريخ الإسلامي، لم يفكر الصليبيون بعده بالعودة إلى
أرض الإسلام إلا بعد قرون طويلة من الزمن.
ومن تلك الخصائص : العناية بتشخيص المعاني كقوله : ( وعزائم قد تألفت وتاليت على الموت ) حيث أسند التآلف والتألب إلى العزائم، فجعلها أشخاصاً يتحركون يحث بعضها بعضاً على الصمود، على سبيل المجاز
اتساع مساحة الترسل بالميل إلى العطف والترادف كقوله : ( وقابلها ثم قائلها، ونزل بها ثم نازلها، وبرز إليها ثم بارزها . الميل إلى الصناعة اللفظية ( البديع ) الذي كان يفرض نفسه فرضاً على الكتاب كقوله : ( قابلها - قائلها، نزل بها - نازلها، برز إليها - بارزها، فبين (قابل وقاتل) و نزل نازل)، و (برز - بارز ) جناس ناقص استخدام السجع بطريقة مفرطة - أحيانا - كقوله : ( طريد - شرید، قریب - بعيد، مدة - شدة، القول – الطول، معوله مقتله. استخدام التصوير بأدواته عند علماء البلاغة كالتشبيه والاستعارة
من مثل قوله : رای بلداً كبلاد، وجمعاً كيوم التناد تشبيه.
وقوله : يزاحمه السور بأكتافه استعارة مكنية.
وقوله : وأجابهم بلسان الطول استعارة مكنية.