ما هو مفهوم العولمة وما هي ايجابياتها و سلبياتها
ظهر مفهوم العولمة أواخر القرن الماضي فانطلقت هذه الكلمة تجوب الكوكب الأرضي في سرعة خاطفة وكأنها تُبشر بشيء جديد يفيد العالم، أو يجعله أسرة بشرية موحدة متساوية الحقوق والدماء والواجبات غير أن غموض مدلول الكلمة والظروف التي صاحبت انطلاقها وتعدد الجوانب التي تتضمنها جعلت كثيراً من عقلاء العالم يقفون أمامها متأملين أبعادها ومراميها ومن ثم فوائدها وأخطارها وسواء قصد بها عولمة الأشياء والأفكار أي جعلها عالمية أو تأسيس كل شيء على العلم فإنها لا تخرج عن معنى التصيير والتحويل وفق ما يوحي به مدلول هذه الكلمة.
والمتأمل لهذين المدلولين العالمية والعلمية لابرى في العولمة شراً بحذر، ولا يذكر فالمعنيان كلاهما مرغوبان فالعصر عصر التقدم العلمي والتطور التكنولوجي بل أضحى التنافس العلمي بين الأمم والشعوب محمدة من محامد العصر، والمسافات الزمانية والمكانية قد طويت حتى أصبح العالم كالقرية الواحدة فما العيب في العالمية إذن ومم الخوف إذا كان الناس قد أصبحوا يعيشون هذه المعاني في واقع حياتهم من خلال وسائل الاتصالات والمواصلات، والقنوات الفضائية والإنترنت والحركات التجارية والسياحية.
لكن بعض المفكرين في العصر الحديث لا يفهمون العولمة بهذه السطحية من خلال سرعة التواصل بين العالم أو السمة العلمية للعصر إنما يفهمونها في ضوء حركتها الجامحة ووسائلها المستخدمة وآثارها الواقعة والمتوقعة إنهم لا يرون في العولمة إلا شعارا ظاهره فيه الرحمة وباطنه فيه الشر والنقمة ليس على شعب دون شعب أو أمة دون أخرى وإنما على جميع فقراء العالم
تؤدي إلى انقسام متنام بين الشمال الغني والجنوب الفقير ناتجة عن وحدة إمبراطورية منها الشعوب الفقيرة ما هي إلا بعض نتائجها الكارثية وفي كل يوم تتفاقم من قاضية على تنوع الحضارات وعطاءاتها فمشكلات الفقر والبطالة والهجرة التي تعالى المشكلات وتستجد مشكلات أخرى وأرباب العولمة يسوقون الأغنياء والفقراء.
وسيلتهم في ذلك عولمة الاقتصاد وهي تعني فرض أنظمة وقوانين وأساليب اقتصادية من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة على الدول والشعوب الأخرى بما يزيد من رفاهية الأثرياء، ومعاناة الفقراء وانتشار الأمراض والأوبئة وتفجر المشكلات والأوضاع الإنسانية التي تزيد من سطوة أصحاب الأموال، واستغلال تلك الأوضاع لصالحهم.
إن الاقتصاد الذي يقوم على حرية السوق والخصخصة والاحتكار لا يمكن ان يقدم للبشر إلا الفقر والجوع والاضطرابات والنزاعات المسلحة لأنه يجعل الثروة باستمرار في جانب روؤس الأموال التي يملكها قلة من الناس، ويجعل هذه القلة تتحكم في مصائر الأمم والشعوب الضعيفة فما المنتظر من عولمة هذا الاقتصاد إلا الزيادة المتسارعة في عدد الفقراء والتضخم المتسارع في ثروة أصحاب رؤوس الأموال وما الذي يشهده العالم اليوم من ظواهر الهيمنة والطغيان، والتدخل في شؤون الدول والشعوب من قبل الدول الغنية إلا دليل صدق على أن العولمة ما هي إلا لافتة لاستعمار جديد، ووسيلة من وسائل الابتزاز والقهر والظلم لكل من يخرج عن الطاعة فأين العلمية أو العالمية من عولمة حرية السوق التي يسعى من خلالها الغرب إلى أن يكون العالم الثالث سوقاً لمنتجات مصانعه وشركاته والربح السريع بواسطة المضاربات النقدية دون إنتاج.
وماذا تريد العولمة من منظمة التجارة العالمية إلا تمكين الدول الصناعية الكبرى والشركات العملاقة التي تدور في فلكها من صادرات الدول الأخرى ووارداتها بتحديد أسعار المنتجات وتخفيض نسب الضرائب والجمارك بما يخدم مصلحة الكبار إنها عولمة استغلال وإذلال ليس للفقراء فحسب . ، وإنما لكل من هم أقل منها غنى !! وعلى الرغم من أن العولمة قد مدت شباكها إلى مختلف الجوانب.