0 تصويتات
في تصنيف فن ومشاهير بواسطة (4.4مليون نقاط)
مملكة اوسان وفراعنتها الذين تم ذكرهم في القرآن

لقد عرف من الكتابات القتبانية شعب يقال له ( أوسن ) أو (أوسان) ، وكانت أرضه جزءاً من مملكة قتبان، مثل دهس و (دتنت ) (دتنه) و ( تبنى ) ومناطق أخرى كانت تابعة لقتبان ، وقد عرف من الكتابات ان الأوسانيين كونوا حكومة ، حكمها ملوك ، وصلت أسماء بعضهم الينا ولكنها حكومة صغيرة لم تبلغ مبلغ حكومة قتبان ، أو حضرموت أو معين ، أو سبأ .

ولعل الأوسانيين الذين أدركوا الاسلام ، هم من بقايا ( أوسان)، وقد كان من جملة من اعتمد عليهم الهمداني في أخبار اليمن القديمة ، رجل ينسب الى أوسان ، هو ( محمد بن احمد الأوساني) ، زعم انه كان يحسن قراءة الكتابات العربية الجاهلية المدونة بالمسند .

وقد وهبت لنا هذه المملكة الصغيرة بضعة تماثيل منحوتة من الرخام ، يجوز ان نعدها من انفس ما عثر عليه من تماثيل من جزيرة العرب حتى الآن ، وهي تماثيل بعض ملوك أوسان ، وتعد اول تماثيل العرب ، وقد كتب على قاعدة كل تمثال اسم الملك الذي يمثله ، فهذا تمثال كتب عليه يصدق إل فرعم ملك أوسان بن معد آل ) ، وهذا تمثال ثان نقش على قاعدته اسم الملك الذي يمثله : ( زيدم سيلن بن معدال)، وتمثال ثالث كتب تحت قدم صاحبه اسمه ( معد ال سلحن بن يصدق آل ملك أوسان ) ،ورابع كتب على وجه قاعدته من امام : ( يصدق آل فرعم شرح عت ملك أوسن بن آل سلحن ملك أوسن ) .

ويرى ( فون وزمن ) أن الملك ( يصدق أيل فرعم شرح عت بن معد أي سلحن ) ، هو الملك (يصدق أيل فرعم ملك أوسان بن معد أيل ) نفسه ، فالاسمان اذن في نظره ، لمسمى واحد ، ويكون والده الملك ( معد أيل سلحن بن يصدق أيل أوسان ) ، ووالد ( معد أيل سلحن ، اذن هو ( يصدق أيل ) الذي لا يعرف اسم ابيه.

وعثر على اسم ملك اخر من ملوك أوسان ، هو ( يصدق آل فرعم شرح عت ( عثت) بن ودم ) ( يصدق أيل فرع ( الفارع) شرح عثت بن ود ) ، ورد لمناسبة تقديمه نذراً ، وهو ( معمر ) أي مذبح أو ( مبخرة ) الى أحد الألهة ، ولم يذكر الملك اسم ذلك الاله ، وقد استدل بعض الباحثين من جملة ( بنودم) أي (ابن ود) على وجود فكرة تأليه الملوك عند الأوسانيين ، وان الجملة تعني أن الملك المذكور كان يرى انه من نسل الاله ( ود) ، وعندي ان لفظة ( ود ) هنا هي مجرد اسم لشخص ما ، وفي كتب الانساب ولاخبار اسماء عدد من الرجال ، هي في الوقت نفسه أسماء الهة ، ولم يقل أحد أن اصحاب تلك الاسماء كانوا يرون انفسهم آلهة ، أو من أبناء الهة ،وبينهم أناس كانوا من سواد الناس .

ولا نعرف من أمر هؤلاء الملوك شيئاً يذكر ، والظاهر أن تمثال ( معد آل (سلحن) ( معد أيل سلحان ) يمثل والد ( يصدق أيل فرعم شرح) كما جاء ذلك مدوناً في قاعدة التمثال الرابع ، ويظهر أن ( يصدق أيل فرعم) هو غير( يصدق أيل فرعم شرح عثت) كما يتبين ذلك من اختلاف صورتي التمثالين ، وتفيدنا هذه التماثيل فائدة كبيرة في التعرف على نماذج ملابس الاوسانيين وعلى زينتهم وكيفية تنظيم شعور رؤوسهم ، وعلى غير ذلك مما له علاقة بمظهر الانسان ، وبالفن من حيث الجودة والخلق والتعبير عن النفس والاتقان .

وجاء اسم الملك ( يصدق آل فرعم شرح عت ) في كتابة اوسانية أمرت بكتابتها امراة اسمها (رثدت) ( رثدة ) ، وقد جاء فيها انها قدمت الى سيدها المذكور ملك أوسان ، تمثالاً من الذهب ، ليحفظ في معبد ( نعمن ) نعمان) وهي كتابات النذور ، ويظهر انها قدمت هذا النذر لحادث وقع للملك فتوسلت لدى الهة أوسان بأن تمن على الملك وتبارك فيه ، وهي في مقابل ذلك تقدم لها نذراً تمثالاً من ذهب ، ولا بد ان تكون هذه المراة من الاسر الرفيعة التي لها شأن ومكانة ، ولعلها كانت من أسرته .

وجاء في كتابه أوسانية أخرى تحطم صاحبها وزالت معالمه : أنه قدم تمثالاً ( صلمت) من ذهب الى سيده ( مرأس) ( يصدق أيل فرعم شرح عتت ) ملك أوسان ولا بد ان يكون هذا التقديم لمناسبة حدث للملك ، فأراد هذا الوجيه التعبير عن تقديره لسيدة الملك بتقديم هذا التمثال المصنوع من الذهب ، وتشبه هذه الكتابة الكتابة المرقمة بـ Jaussen Nr. 159 bis وهي لأخت هذا الملك ، وقد اسمها من الكتابة بتهشم حدث في الحجر ، وبقيت منه بقية هي : ( ذت بغيثت اخت ... ) وجاء فيها انها قدمت الى سيدها ( سقنت مراس) صنماً من ذهب ( صلم ذ ذهبم ) ، ولم تذكر المناسبة التي دعتها لتقديمه ، وكان له شقيق هو ( زيد سيلن ) ( زيد سيلان).

ويرى بعض الباحثين ان زمان حكم الملك ( يصدق ال فرعون شرح عت ) (يصدق ايل فارع شرح عت ) كان في النصف الاول من القرن الخامس قبل الميلاد حتى حوالي السنة ( 450 ) قبل الميلاد ، وقد استدلوا على ذلك من طراز التمثال الذي نحت ليمثل ذلك الملك ، فأن شكل اللباس الذي نحته النحات ليكون لباس الملك ، هو على النسق اليوناني في التماثيل اليونانية المنحوتة قبل منتصف القرن الخامس قبل الميلاد ، ويرى الباحثون احتمال شراء هذه التماثيل من ( غزة ) في فلسطين ،اذ كانت سوقاً مهمة يفد عليها العرب للإتجار ، وفيها معروضات يونانية وغيرها ، ينقلها التجار الى جزيرة العرب ، وفي جملتها الاصنام التي أثرت في الفنانين العرب ، فصاروا ينحتون تماثيلهم على شاكلتها ، وفي جملتها تمثال الملك المذكور الذي يجب ان يكون قد نحت فيما بين النصف الاول من القرن الخامس قبل الميلاد الى حوالي السنة (450 ق.م )

وعرفت اسماء الملوك اخرين من ملوك أوسان ، لا نعلم من امر اصحابها شيئاً يذكر ، منها ( معد أيل سلحان بن ذي يدم ) (وقد رأى ( جوسن ) Janssen ان الاسم الاخير هو ( زيدم ) بدلاً من (ذ يدم ) ، ولقب ( سلحن ) ( سلحان ) من الالقاب التي تكرر ورودها مدونة على تماثيل ملوك أوسان ، وعلى بعض الكتابات التي عثر عليها في (ابنة ) وفي المعاهدة المعقودة بين ( سلحن ) و ( زررن ) ( زراران ) ، اي بين ملك ( نجاشي ) الحبشة وملك ( سبأ ) ، ويرى ( ميتوخ ) ان ( سلحن ) (سلحان ) احد المتعاقدين في المعاهدة المذكورة ما كان ملكاً حبشياً ، ولكن ملكاً من ملوك أوسان ، وأما ( زررن ) ، فانه ملك من ملوك قتبان .

ووجد اسم ملك اخر من ملوك أوسان ، هو ( عم يثع غلين لحى ) ، محفوراً على تمثال من المرمر مكتوباً كتابة حسنة ، وقد نعثر في المستقبل على تماثيل أخرى لملوك العرب الجنوبيين من أو سانيين غيرهم ، اذ لا يعقل انفراد أوسان من بين سائر الشعوب العربية الجنوبية بصنع التماثيل .

 وذكر ( فلبي ) ملكاً من ملوك أوسان يقال له ( يصدق أيل فرعم زغمهن الشرح ) ، ولا نعرف من أمره شيئاً ، ووردت في الكتابتين الموسومتين ب 72,73 Janssen وب 75,83 Janssen اسماء ملوك أوسانيين منها : ( زيحمن بن الشرح ملك أوسان ) ، و ( عم يثع ملك أوسان ) و ( يصدق أيل فرعم عم يثع ) ، و ( الشرح بن يصدق ايل ) ، وهي أسماء لقب بعضها بلقب ملك ، وحرم بعضها هذا اللقب ، ولا نعرف عن اصحابها شيئاً يذكر .

وقد كانت ( أوسان ) قبل استيلاء قتبان عليها وادماجها في حكومة قتبان ، مملكة ذات تجارة مع الخارج ، تتاجر مع افريقية ، وتحكم أرضين أخرى ليست في الاصل من ( أوسان ) ، مثل : ( دهس ) ، و ( تينو ) و ( كحد ) ، استدل بعض الباحثين من اطلاق مؤلف كتاب ( الطواف حول البحر الأريتري ) على الساحل الافريقي الواقع شمال ( بمبا ) Pemba و ( زنزبار ) ( زنجبار ) اسم ( الساحل الأوساني ) عليه ، على ان الأوسانيين كانوا قد حكموه ، ونزح بعضهم اليه فسكنه ، وصار تابعاً لأوسان ، ولا يمكن حدوث ذلك بالطبع لو لم يكن الأوسانيون اقوياء ولهم ارض واسعة في العربية الجنوبية ذات عدد كبير من السكان بحيث يسمح لهم بالاستيلاء على الساحل الافريقي .

 ويرجح العلماء زمان حكم الأوسانيين لذلك الساحل الافريقي الى ما قبل السنة ( 400 ق.م ) وتقع مملكة أوسان في جنوب ( قتبان ) ، وهي من الحكومات العربية الجنوبية الصغيرة ، الا انها كانت ذات اهمية ، اذ كانت تملك الساحل الافريقي الذي اشرت اليه ، وتتاجر مع سكانه ، وقد كان ميناء ( عدن ) من جملة الاماكن التابعة لهذه المملكة .

ومن ملوك أوسان ، ملك ذكر اسمه في النص الموسوم ب 1600 Glaser الذي تحدث عن حملة قام بها الملك ( كرب أيل وتر ) على جملة قبائل وامارات وحكومات ملكية صغيرة ، فبعد ان استولى هذا الملك على مدينة ( شرجب) ، ساق جيوشه الى ( أوسان ) ، فقتل ستة عشر الف رجل ، واسر اربعين ، واحتل أماكن اخرى كانت تابعة لأوسان ، وهي : ( حمن ) ( حمان ) ، و ( انفم ) ( انف ) و (حبن ) ( حان ) و ( ديب ) ( دياب ) و ( رشا ) ( رشاى ) ، و ( جردن ) ( جردان ) ، و ( دتنت ) ( دتنه ) ، و ( تفذ ) الى ساحل البحر ، وذكر النص بعد ذلك معبد ( مرتوم ) ( مرتم ) ( مرتو ) الذي اسمه ( مسور) .

اما ملك ( أوسان ) فكان اسمه ( مرتوم ) ( مرتو ) . وقد كانت قتبان حليفة لسبأ في هذه الحرب ، وقد يكون تعبيرنا أدق وأصح لو قلنا انها كانت تابعة لها في هذا العهد ، ولذلك اشتركت مع السبئيين ضد الأوسانيين ، اما (أوسان ) ، فكان الى جانبها ( دتنت ) و ( دهس ) و ( تبنى ) وبعض قبائل ( كحد ) ، وقد رأيت ان جميع هذه القبائل ومعها ( أرسان ) كانت تابعة لمملكة قتبان ، ويظهر انها ثارت على قتبان ، وانفصلت عنها ، فتكونت مملكة أوسان ، ودخلت القبائل الاخرى في هذه المملكة ، اي مملكة أوسان ، او انها تحالفت معها ، واستقلت كل في منطقتها فكونت امارة او مملكة صغيرة ، فلما انتهى ( كرب أيل وتر ) من مملكة أوسان ، تعقب هذه القبائل واخضعها لحكمه .

ويظهر ان ملك ( دهس ) الذي كان في حلف مع أوسان ، او خاضعاً لها ، انتهز فرصة انتصار ( كرب أيل وتر ) على أوسان فأعلن انفصاله عنهم وانضمامه الى السبئيين ، فكافأه ( كرب أيل وتر ) بإعطائه جزءاً من ارض أوسان هو ارض ( ادوم ) ( أود ) . وقد احتل السبئيون ارض أوسان وارض تبنى ، ووهبوا ارض ( كحد ذ حضنم ) لأله سبأ ( المقه ) ، اي ان الملك ( كرب ال ) ( كربئيل ) ( كرب أيل ) وهبها لحكومة ولشعب سبأ ، وانعم على قتبان وحضر موت ببعض الارضين التي غنمها من الاوسانيين ، ويظهر انها كانت قتبانية وحضرمية في الاصل ، غير ان الاوسانيين اغتصبوها منهم ، فأعادها ( كرب أيل ) الى قتبان وحضر موت لمساعدتهما له ، وقد كان ملك قتبان الملك ( وروايل ) اذ ذاك، وقد جعل ( فلبي ) الملك ( مرتو ) في رأس قائمته التي وضعها لملوك ( أوسان ) ، وجعل زمان حكمه فيما بين السنة (620) والسنة (600ق.م) وذلك ليجعله معاصراً ل( كرب أيل وتر ) الذي جعل حكمه في هذا الزمن ، وهو رأي يعارضه اكثر الباحثين في العربيات الجنوبية ، اذ جعلوا حكمه في حوالي السنة ( 450 ) قبل الميلاد ، او بعد ذلك بقليل .

ووضع ( فلبي ) اسم الملك ( ذ بدم ) ( ذ بد ) ( زيد ) ، بعد اسم الملك (مرتو ) ، وجعل زمان حكمه في حوالي السنة ( 230 ق.م ) ، فترك بذلك فجوة كبيرة لا يدري من حكم فيها ، ولم يعرب اسم والد الملك ( ذ يدم ) ، وقد ذكر انه كان من عشيرة (بغيثت ). ثم ذكر ( فلبي ) ، ( معد أيل سلحن ) بعد ( ذ بد ) ، وجعله ابناً له ، وجعل حكمه في حوالي السنة ( 210 ق.م ) وذلك جرياً على طريقته في وضع مدة ( 20 سنة ) لكل ملك يقضيها في الحكم ، ثم جعل ( يصدق أيل فرعم شرح عت ) من بعد ( معد ايل ) وجعله ابناً له ، وصير زمن حكمه في حوالي السنة (190 ق.م ) وجعل ( زيد سلحن ) شقيقا له ، كما جعل له اختاً ثم وضع الملك ( معد أيل سلحن ) بعد (يصدق أيل فرعم ) ، وجعله ابناً له ، وجعل زمان حكمه في حوالي السنة (170 ق.م ) ، ثم صير ( يصدق أيل فرعم عم يثع ) ملكاً من بعده ، وهو ابن ( معد أيل سلحن ) ، وجعل حكمه في حوالي السنة ( 150 ق.م ) ، ثم جعل ( فرعم زهمهن الشرح ) ملكاً من بعده ، وهو ابن ( يصدق أيل فرعم عم يثع ) ، وجعل حكمه في حوالي السنة ( 135 ق.م ) ، ثم ذكر ( عم يثع غيلن لحى ) من بعده ، وهو ابن (يصدق أيل فرعم عم يثع ) ، وقد جعل حكمه حوالي السنة ( 120 ق.م )

ولم يذكر ( فلبي ) ملكاً اخر بعد هذا الملك ، وانما ذكر انه في حوالي السنة (115 ق.م ) ضم ( الشرح يحضب ) ( ملك سبأ وذي ريدان ) مملكة أوسان الى أرض السبئيين () . ويعارض ترتيب ( فلبي ) لأسماء ملوك ( أوسان ) رأي كثير من علماء العربيات الجنوبية ، فقد ذهب اكثرهم الى تقديم الملوك الذين ذكرهم ( فلبي ) بعد الملك ( مرتو ) عليه ، وجعلوا زمانهم أقدم من زمانه ، فقدروا زمان الملك ( يصدق أيل فرعم شرح ايل ) في النصف الاول من القرن الخامس قبل الميلاد مثلاً ، اي قبل السنة ( 450 ق.م ) ، وهذا يعني انه اقدم عهداً من ( مرتو ) ، اي ان رأيهم هو عكس ما ذهب (فلبي ) اليه () . وقد ذهبت ( بيرين ) PirenneJ. الى ان أوسان كانت مملكة في اواخر القرن الاول قبل الميلاد ، او بعد الميلاد بقليل ، وان حكم الملك ( يصدق أيل فرعم شرحعت بن ودم ) كان في حوالي السنة (24 ق.م ).

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (4.4مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
مملكة اوسان وفراعنتها الذين تم ذكرهم في القرآن

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى بيان العلم ، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...